منتديات فيرس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات فيرس

كمبيوفيرس
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نهايةُ التــَّــارِيخِ الجزء الاول

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد الرسائل : 260
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 04/04/2007

نهايةُ التــَّــارِيخِ الجزء الاول Empty
مُساهمةموضوع: نهايةُ التــَّــارِيخِ الجزء الاول   نهايةُ التــَّــارِيخِ الجزء الاول Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 10, 2007 6:31 pm

نهايةُ التــَّــارِيخِ
لفضيلة الشَّيخ / سلمان بن فَهد العَودة حفظه الله

إنَّ الحمدَ لله نحمدُه و نستعينُه و نستغفرُه و نتوبُ إليه ، و نعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا و من سيئاتِ أعمالِنا ، من يهدِهِ اللهُ فلا مضلَّ له ، و من يضلل فلا هاديَ له ، و أشهدُ ألاَّ إله إلا الله وحده لا شريكَ له ، و أشهدُ أنَّ محمداً عبدُه و رسولُه ، صلى الله عليه و على آلهِ و أصحابهِ و أتباعهِ بإحسانٍ إلى يوم الدين و سلَّمَ تسليماً كثيراً ..
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }.
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا 70 يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا 71 }.
أمَّا بعد ،
فسلامُ الله تعالى عليكم و رحمتُه و بركاتُه أجمعين ..
هذه الَّليلة ، هي ليلةُ الاثنينِ السَّادسِ من شهرِ ربيعِ الأوَّلِ مِن سنة 1414 هـ من هجرةِ المُصطفى عليه الصَّلاة و السَّلام .
و هذا الدرسُ هو السَّادسُ و التِّسعونَ من سلسلةِ الدروسِ العلميَّةِ العامَّةِ و عنوانُهُ ( نهايَةُ التَّاريخ ) .
نعم ! نهايةُ التَّاريخ ! وهذا العنوانُ مستعارٌ من كتابٍ أحدث ضجةً كبيرة ، طُبِع في أمريكا و وُزِّعَ في أنحاء العالم و تُرجِمَ إلى اللغاتِ الحيَّة بما في ذلك الُّلغة العربيَّة.
مؤلِّفُ الكتابِ رجلٌ يابانيُّ الأصل أميركيُّ الجنسيةِ و المولِد ، اسمُهُ فرانسيس فوكوياما ، أما المترجِمُ العربيُّ فهو د. حسين الشَّيخ ، و قد طُبِعَت الترجمةُ العربيةُ للكتاب في دار العلومِ العربيَّةِ في بيروت ، في قُرابةِ ثلاثمائةِ صفحَة .
و قد أُتيحَ لي أن أقرأَ مجموعةً من التَّحاليل و التَّقاريرِ و الدِّراساتِ حولَ هذا الكتاب ، ثم أن أطَّلِعَ عليه بترجمته العربيَّة .
فكرةُ هذا الكتاب ( نهاية التاريخ ) فكرةٌ بسيطةٌ إلى حد السذاجة كما يقول أحدُ المحلِّلين ، و هي تعتمدُ على أنَّ المؤلفَ يقول وهو يحتفل بسقوط الشيوعية وانهزامها ودفنها : إنَّ الديموقراطيةَ الغربيةَ قد انتصرَتْ ، و انتصرَتْ معها أمريكا و الغرب ، ولم يعد أمامَ العالَم ما ينتظرونه من جديد ، لقد حدث الجديدُ فعلاً ، و هو انهيار الماركسية وتفكك الاتحاد السوفييتي و انتشار الديموقراطيِّ الليبراليِّ الحرِّ في العالَم ، بما في ذلك الدول الشرقيَّة التي كانت تابعةً للمنظومة الشيوعية ، ولهذا فقد أُغلقَ بابُ التاريخ فلا جديدَ بعدَ اليومِ إلاَّ في حدودِ بعض الإصلاحاتِ و التغييراتِ الطَّفيفةِ هنا أو هُناك .
هذه فكرة الكتاب !
يقول المؤلف : " ليس هناك آديولوجية أو عقيدة يمكن أن تحلَّ محلَّ التحدِّي الديموقراطيِّ الغربيِّ الذي يفرض نفسَهُ على الناس ، لا المَلَكية ،ولا الفاشيَّة ولا الشيوعيَّة ولا غيرِها .
حتى أولئك الذين لم يؤمنوا بالديموقراطيَّة و لم يتبنوها كمنهاجٍ لحُكمِهِم أو حياتِهِم أو عملِهِم ، سوف يَضطرُّون إلى التحدُّث بلغةٍ ديموقراطيَّةٍ ، ومجاملة التيار من أجل تبريرِ الانحراف و الدكتاتوريَّة و التسلُّطِ الذي يمارسونه " .
أمَّا الإسلام ، فإنَّ المؤلِّفَ يتحدَّث عنه بلغةٍ مختلفةٍ بعضَ الشيء ، فهو يقول : " يمكن أن نستثني الإسلامَ من هذا الحكمِ العامِّ وهذا الكلام ، فهو دينٌ متجانس ، دينٌ منتظم ، و هو قد هزم الديموقراطيةَ في أجزاءٍ كثيرةٍ من العالم الإسلاميِّ ، و شهدَتْ نهايةَ الحرب الباردة بين الغرب و الشرق تحديَّاً سافراً للغربِ على يَدِ العراق".
فهو إذن يعتبرُ التحدِّي العراقيِّ يتضمَّنُ تحديَّاً إسلاميَّاً باعتبار الموروثاتِ الإسلاميةِ في منطقةِ الشرقِ الأوسط .
هذا الدين الإسلاميُّ – يقولُ المؤلف – : " على رغم جاذبيتِهِ العالميةِ و قوتِهِ إلا أنه ليس له جاذبيةٌ خارجَ المناطقِ ذاتِ الثقافة الإسلامية ، فالشباب مثلاً في برلين أو طوكيو أو موسكو أو واشنطن لا يجذبهم الإسلام ، و إن كان يؤمن به أعدادٌ من الذين يعانون ظروفاً صعبةً أو من السَّاخطين على الأوضاعِ العامَّةِ هنا أو هناك ".
إذن يقول : " أصبح من الممكن أن نخترقَ العالَمَ الإسلاميَّ بالأفكارِ التحرريةِ الغربيةِ ، و أن نكسبَ أنصاراً داخل المسلمين مِمَّن يؤيدون الليبراليَّةَ الغربيَّةَ أو العلمنةَ الغربيَّة " .
هذا التوقُّعُ الذي طرحَهُ المؤلِّفُ في كتابه ( نهايةُ التاريخ ) هو مجرَّدُ حلمٌ لذيذ ، أو توقُّعٌ محتمَلٌ على أحسنِ الأحوالِ في ظنِّه !
أما الآخرون فيقولون خلافَ ذلك ، فإنَّ هذا الكلام الذي قاله، قاله من قبله هتلر حينما تحدَّثَ عن الرايخ الثَّالثِ الَّذي سيعيشُ ألفَ عامٍ على حدِّ زعمه ! ولكن هذا التوقُّع اصطدم بالواقعِ المخالفِ تماماً لما يقول .
ومثل ذلك الماركسيَّة التي كانت تتحدث عن انتصار اليوتوبيا و قيامِ جنَّةٍ دنيويةٍ و فردوسٍ ينتظم العالَمَ كلَّه تحت ظل الشيوعية ، فإذا بالشيوعية لا تعيشُ أكثرَ من سبعين سنةٍ و هي عمرُ إنسانٍ عاديّ ليست عمرَ دولةٍ أو أمَّةٍ أو معتقَد ، ثم في ظلِّ السنوات القصيرة يعيش العالَم الشرقيُّ تحت الشيوعية حياة بئيسةً كئيبةً .
و مثل ذلك نبوءة شفلنجر عن انهيارِ الغَرب .
إذن هي مجرد ظنونٍ أو أوهامٍ أو أحلامٍ لذيذةٍ مخدِّرةٍ يتوقعها هؤلاء الكاتبون .
و كما ذكرتُ ، فقد أشار وأثار هذا الكتابُ زوبعةً كبيرةً ، وكتبَتْ عنه مئاتُ الصُّحُفِ في أمريكا وبريطانيا وفرنسا ، وكتب عنه كاتبون كثيرون ، بعضهم قسس و بعضهم مفكِّرون اجتماعيُّون أو سياسيُّون انتقدوا هذا الطرح الأمريكي المتطرِّف واعتبروا أن الكاتبَ بسيطٌ إلى حد السَّذاجةِ و أنَّ ما قاله لا يعدو أن يكون احتفالاً بسقوطِ الشيوعيَّة و لا يملك مقوِّمات النظريَّة العلميَّة الصحيحة .
سؤال : ماذا يعني سقوطُ الحضارةِ الغربيَّةِ ؟ أو الحضارةِ الأمريكيَّةِ على وَجهِ الخصُوصِ ؟ ماذا يعني تحديداً ؟؟
البعض يتصورون مثلاً أنَّنا حين نتحدثُ عن سقوطِ الغربِ أو أمريكا أو الحضارةِ الغربيِّة ، يعنون معنىً عامَّاً شاملاً يترتَّبُ عليه تدميرُ جميعِ المنجَزَاتِ الحضاريَّةِ ، وعودةَ الإنسانِ كما يقولونَ إلى العصورِ البدائيَّةِ بعيداً عن كلِّ ما تمتَّع به في هذا العصر !
هناك مثلاً طرحٌ .. عبارةٌ عن فيلم اسمُهُ ( مقاتلٌ على الطريق ) لجورج ميلر ، هذا الروائيُّ يتنبَّأ بهذه النهايةِ المرعبَةِ للعالَمِ الغرْبِيّ ، والبؤسِ الذي سوف يلفُّ العالَمَ هناك ، ويقضي على كلِّ المنجزاتِ الحضاريَّةِ التي يتمتَّع بها الناسُ اليومَ سواءً من الاتصالاتِ المختلفةِ أو المتعةِ أو الرفاهيةِ أو النَّقلِ أو الكهرباءِ أو غيرِ ذلك .
وهكذا رواياتُ الخيالِ العلميَّ كما يسمونها ، التي تصوِّرُ تدميرَ الحضارةِ التكنولوجيَّة الحديثة والعودةَ المفاجئةَ للعصورِ البدائيَّة .
ولذلك فإن البعضَ يُبدون انزعاجاً من الحديثِ عن سقوطِ الغرب ، لأنهم يظنون أنَّ سقوطَ الغربِ سوف يترتَّبُ عليه زوالُ هذه الفُرَصِ و الامكانياتِ التي يتمتَّعون بها ، حتى إني قرأت لكاتبٍ إسلاميٍّ في جريدةِ ( الحياةِ ) يقول : " ينبغي ألاَّ نطرحَ هذا الأمرَ بتفاؤلٍ ، لأنَّ هذه الأشياءَ مصلحةٌ مشتركَةٌ بين الأمم كلِّها ".
و هذا في الواقع ليس مقصوداً لنا حينما نتحدثُ عن سقوطِ الغرب أو سقوطِ أمريكا ، و إن كان هذا مطروحاً لدى بعض الغربيين ، فهناك جماعاتٌ من العلماءِ المتخصِّصين يتوقعون أحوالَ سيئةً سوف تكون إليها البشريةُ حتى و إن كان هناك نظرةٌ متفائلةٌ ومثاليُّةٌ للمستقبل قبل عشراتِ السنوات ، كانت هي السائدة .
حينذاك كتَبَ فيلسوفٌ ألمانيّ اسمُهُ سبيكر ، كتاباً عن تدهورِ الحضارةِ الغربيَّةِ و توقَّعَ مستقبلاً مظلِماً للغرب و للعالَمِ كلِّه من وراء الغرب .
ثم جاء العالِمُ الانجليزي جورج اروين و كتب كتاباً اسمُهُ ( العالَم عام 84 ) ، وكان كاتباً متشائماً و توقَّعَ أوضاعاً سيئةً لكنَّ الواقعَ كان أكثرَ تشاؤماً منه ، فإنَّ الأوضاعَ التي مرَّ بها العالَمُ عام 84 و ما بعدَه كانت أكثرَ سوءاً وسوداويةً وقتامةً مما تصوَّرَه أو ظنَّهُ ذلك العالِمُ الانجليزي .
ثم كتب الفيلسوفُ الإنجليزي الآخرُ أيضاً هولن ويلسون سقوطَ الحضارةِ الغربيةِ ضمنَ منظومةٍ متسلسِلَةٍ من البحوثِ و الكُتُبِ و الدراساتِ القديمةِ ،التي كانت تتحدَّثُ عن سقوطٍ وشيكٍ للعالَمِ الغربيِّ .
هناك أيضاً علماءُ الفَلَكِ في هذا الزمان ، الذين يكتبون نهاياتٍ مفزِعَةٍ عن الكونِ بسببِ زيادةِ طاقةِ الشمسِ و حرارتِها مثلاً ، وتمزُّقِ أو وجود ثقبٍ ضخمٍ لطبقةٍ عُليَا معروفةٍ يسمونها ( طبقةَ الأوزون ) ويقولون : إنَّ هذا الثقب ، إذا ظلَّ يكبرُ بالمعدَّلاتِ التي تحدُثُ الآن فإنه سوفَ يترتَّبُ عليه أخطارٌ تهدِّدُ الحياةَ البشريَّةَ كلَّها، منها مثلاً زحفُ الماءِ على الكرةِ الأرضيَّةِ و تغطيةِ مُدُنٍ بأكملِها و غمرِها بالمياه ، وابتلاعُ هذه المدن بسكانِها و إمكانياتِها ، وتلوثُ البيئةِ والجوِّ وانتشارُ أمراضٍ منها سرطانُ الجلدِ ، إلى أشياءَ أخرى كثيرةٍ مترتِّبةٍ على هذا الخطرِ الذي يُسمَّى ثقبُ الأوزون .
علماءُ الطبِّ أيضاً يتحدَّثُون بنفسِ النظرةِ و يتكلَّمون عن الأخطارِ و الأمراضِ التي سوف تحدُثُ للبشريَّةِ من جرَّاءِ هذا الثقبِ الذي أصبَحَ مرئيَّاً وملاحظاً الآن وهو يتزايدُ بسببِ كثافةِ الاستهلاكِ التصنيعيِّ خاصَّةً في الدولِ الغربيَّة .
إضافةً إلى ذلك فعلماءُ الطبِّ يدقُّون نواقيسَ الخَطَرِ من الأمراضِ التي أصبحَتْ تفتِكُ بالبشريَّة ، لم يَعُد مَرَضُ السَّرَطَانُ هو أخطرُها ، بل أصبحَ مرضُ الإيدز الذي ضحاياه يعدَّون بعشراتِ الملايين ، وحاملو الجراثيمِ مئاتُ الملايين ،ويُتوقَّعُ أن تزدادَ النسبةُ بكثرةٍ في السنواتِ القادمة ، ويقفُ الطبُّ عاجزاً عن إيقافها ، وهذا يهدِّدُ السلالاتِ البشريَّةَ ويهدِّدُ الحياةَ على وجهِ الأرض .
أما علماءُ البيئةِ فهم يرسمون صورةً مكبَّرةً لما حدث في المعمل النوويِّ في الاتِّحادِ السوفييتي ، اسمه ( تشرنوبل ) و قد تسرَّبَ من هذا المعمل بعضُ الإشعاعات النوويَّةِ فدمَّرتِ الحياةَ هناك وأثَّرَتْ وقَتَلَتْ وغيَّرَتْ أشياءَ كثيرةً وانتقلتْ آثارُها عبرَ مأكولاتٍ وفواكه وخضروات وغيرِها إلى العالَمِ العربيِّ و الإسلاميِّ ،بل إلى العالَمِ كلِّه .
فهم يقولون مثلاً : ماذا لو حدث زلزالٌ في أَحَد المواقع التي تُقامُ عليها مفاعلاتٌ أو معاملٌ نوويَّة ؟ و ترتَّبَ على ذلك تسرُّبٌ خطيرٌ في هذه المواد و الإشعاعات القاتلةِ للناس ؟
بل ماذا لو حدث حربٌ نوويَّة أو حربٌ جرثوميَّة بين دولتين من دول العالم ؟
إذن لكان ذلك يمتدُّ أثَرُهُ و ضرُرُه إلى مواقعَ كثيرة !
بل ماذا لو تملَّكتْ بعضُ ما يسمونها بالجماعاتِ الارهابيةِ أو عصاباتِ المافيا ، أو المجموعاتِ التخريبيَّةِ في العالَم ، و بطبيعةِ الحالِ أنا لا أقصدُ بهذا المسلمينَ إنَّما يُقصد بشكلٍ عامٍّ تلك الجماعاتُ التي تتاجرُ بكلِّ شيءٍ في الشرقِ و الغربِ ، وهي جماعاتٌ إرهابيَّةٌ همُّها تحصيلُ المالِ و الثراءِ و الكسب ، ماذا لو تملَّكتْ بعضُ هذه العصابات السلاحَ النوويَّ ؟!
فضلاً عن أن المصانعَ و النفاياتِ و الإشعاعات النوويَّةَ التي تُدفنُ غالباً في بلادِ المسلمين أو تُصدَّرُ بطريقةٍ أو أخرى ، حتى أنَّ آخرَ ذلك أنَّ الصومالَ وُضِعَ في مياهها بعضُ النِّفايات النوويَّة ، وهذا يهدِّدُ الحياةَ البشريَّةَ على وجهٍ آَخَر .
إذن هؤلاء يتوقعون نهايةً حادَّةً وحاسِمةً للحياةِ البشريَّةِ ، وأن سقوطَ الحضارةِ لا يعني فقط تأخُّراً أو تراجُعاً بقدرِ ما يعني تهديداً للحياةِ البشريَّةِ على وجه الأرض أو على الأقل تهديداً للمنجزاتِ الحضاريَّةِ التي يتمتَّعُ بها الإنسانُ في العالَمِ كلِّه .
و هؤلاء العلماءُ يتَّفقُونَ على أنَّ العالَمَ يسيرُ إلى كارثةٍ محقَّقَةٍ لا مهرَبَ منها .
يقول مثلاً كاتبٌ رومانيٌّ شهير : " إنَّ محاولةَ إنقاذِ العالَمِ حينئذٍ هي مثلُ محاولةِ الفئرانِ أن تهربَ من سفينةٍ على وشكِ الغرق ، تهرب نعم من السفينةِ لكن لتغرقَ في البحر ،فهي بين حرق أو غرق! ".
هذه التوقعاتُ أو الظنونُ مع أنها الآن لا تؤخذُ بعينِ الجديَّةِ إلا أنَّه يُنظرُ إليها على أنَّها من الطرائفِ العلميَّة ، و مع ذلك يجبُ ونحن نتحدثُ عنها ،أن نتنبَّهَ إلى خمسةِ نقاط :
أولاً : هذه الأشياءُ هي احتمالاتٌ قائمةٌ وواردةٌ ، وليست أموراً في دائرةِ المستحيلِ وغيرِ المُمكِن ، والمعتادُ أن مراكزَ التَّحليلِ الغربيَّةِ تضعُ لكلِّ احتمالٍ حساباً ، فينبغي أن توضعَ هذه الأشياءُ في الاعتبارِ و ألا تُستبعدَ استبعاداً كليَّاً أو نهائيَّاً .
ثانياً : من المعلومِ أن ثمَّةَ حضاراتٍ كثيرةٍ سادت ثم بادت ، وقد ذكر اللهُ تعالى لنا في القرآنِ الكريمِ أخبارَ أُمَمٍ كثيرةٍ مكَّنَ اللهُ تعالى لها وبوَّأَهَا في الأرضِ ثم حَكَمَ عليها بالهلاكِ و الفناءِ فلم يُغنِ عنهم بأسُهُم من عذابِ اللهِ تعالى شيئاً .
قال اللهُ تعالى : {فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ 45 أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ 46 وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ 47 وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ 48} .الحج .
تأمَّلْ ! أولاً {وَكَأَيِّن} ، قرى كثيرةٌ كانت ممكَّنَةٌ وذاتُ حضارةٍ وآبارٍ وقصورٍ مشيدةٍ وقوَّةٍ وعروشٍ ثم خَوَتْ على عروشِها وعُطِّلَتْ آبارُها و قصورُها المشيدة .
فهذا الأمرُ عبرةٌ للذين يعقلون ويدركون سُنَنَ اللهِ تعالى في عبادِهِ أفراداً وأُمَمَاً وجماعاتٍ ولا يغفلُ عن هذهِ العِبَرِ إلاَّ أولئكَ العميانُ الذين ليسَ لهم قلوبٌ يعقلون بها !
ثم هم يستعجلون بالعذابِ فيقولونَ :
متى ذلك ؟! هاهو العالم الغربيُّ ممكَّناً منذ عشراتِ السنين و أنتم تقولون سَقَطَ الغربُ سقَطَ الغرب ! ونحن لا نرى الغربَ إلا يزداد قوةً و رسوخاً و تمكُّناً و تغلغلاً و سيطرةً على العلمِ و بعضُهُم يقولُ و على الطبيعةِ ! فأين أقوالُكم و زعومُكم التي ملأتم بها آذاننا على حينِ أن الغربَ لا يزال يتمكنُ يوماً فيوماً !!
ونقول :
قال الله تعالى : {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ 47}.
ثم هذا التمكينُ الذي يعيشونه هو مرحلةُ الإملاءِ و الإمهالِ ،{وأملي لهم إن كيد متين } ، { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ 48} !
فأيُّ ظُّلمٍ أعظمُ من الظُّلمِ الذي يعيشه الغربُ اليومَ و هو يكيلُ بمكيالين و يزن بميزانين في قضايا كثيرةٍ جداً معلومة .
ثالثاً : ثمة نصوصٍ شرعيَّةٍ و أحاديثَ نبويَّةٍ عن النبي صلى الله عليه و على آله وسلم توحي وتدلُّ على أنَّ العالم سوفَ يعودُ إلى العصورِ البدائيَّةِ في آخرِ الزمان ، و سوف يُستخدمُ السلاحُ الأبيضُ ، فمثلاً في صحيح مسلمٍ لما تكلَّمَ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الملاحمِ الكبرى التي تقع قُرْبَ الساعةِ وقبلَ ظهورِ المسيحِ الدجَّالِ ، ذكر النبي صلى الله عليه و على آله و سلم الفرسانَ الذين يفتحون القسطنطينيةَ ويعلِّقون سيوفَهم على شَجَرِ الزيتون ، إذن فهم يحملون السيوفَ !
و قال : " إني لأعرفُ أسماءَهم و أسماءَ آبائهم و ألوانَ خيولهم " ، إذن فهم يقاتلون حسبَ ظاهرِ النصِّ النبويِّ عبرَ الخيول ، ويحملون السلاحَ الأبيض ، يحملون السيوفَ و الخناجرَ و نحوَها ويقاتلون بها .
و هذا قد يدلُّ و الله تعالى أعلم على أن ما توقَّعَهُ العلماءُ و الخبراءُ من نكسةٍ للحضارةِ الغربيَّةِ أمرٌ واردٌ و واقعٌ !
قل متى ؟ الله تعالى أعلم ! بعد عشر سنين .. أو مائة سنة .. أو مائتي سنة .. أو ثلاثمائة أو أقلّ أو أكثر ، هذا مما لا يطيق البشرُ له تحديداً أو ضبطاً بل هو غيبٌ من غيب اللهِ جَلَّ و علا .
و بعض المحلِّلين و الدارسين للنصوصِ النبويَّة قالوا : إنَّ ما أشار إليه النبي صلى الله عليه و سلم لا يلزم أن يكون مقصوداً به السيفُ ذاتُهُ أو الخيلُ نفسُه بل قد يكون هذا تعبيراً عن السلاحِ الذي يستعملونه أيَّاً كان ، و لكن النبي صلى الله عليه و سلم عبَّر عن اللغةِ التي يفهمها المخاطبون يومئذ .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://compuvirus.yoo7.com
 
نهايةُ التــَّــارِيخِ الجزء الاول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات فيرس :: المنتدي الثقافي :: منتدي الابحاث والتعليم-
انتقل الى: